حول أبعاد الاغتيالات الأخيرة في غزة والتصعيد الإسرائيلي

 

قامت إسرائيل فجر الثلاثاء 12 نوفمبر\ تشرين الثاني 2019 باغتيال بهاء أبو العطا، القائد العسكري البارز في سرايا القدس (الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي). كما استهدفت أكرم العجوري، عضو المكتب السياسي وقائد الحركة في سورية، في مقر إقامته في دمشق.

 

الأهداف الإسرائيلية من العملية

استهدفت الطائرات الإسرائيلية في 12 نوفمبر\ تشرين الثاني 2019 منزلاً لآل أبو العطا في حي الشجاعية شرقي غزة. أعلنت إسرائيل أنها استهدفت بهاء أبو العطا، الذي وصفه الجيش الإسرائيلي في بيانه الذي أعلن فيه عن قتله بأنه من «نفذ عملياً معظم نشاطات حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة، وكان بمثابة قنبلة موقوتة». وأكد نتنياهو أن قرار الاغتيال اتخذ بالإجماع في المجلس الوزاري الأمني. وبشكل متزامن أعلنت الحركة عن استهداف عضو مكتبها السياسي والقيادي أكرم العجوري، وهو ما لم تعلق عليه إسرائيل حتى الآن. تتهم الاستخبارات الإسرائيلية العجوري بلعب دور المنسق الرئيسي بين الحرس الثوري الإيراني والجناح العسكري للجهاد الإسلامي المعروف باسم سرايا القدس.

يرى أن «العملية ذات طابع سياسيّ انتخابي بحت» وأن «نتنياهو اختار هذا التوقيت لخدمة أغراض سياسية وحزبية خاصة به للخروج من أزماته السياسية». لكن تزامن العمليتين، واستهداف كوادر الجهاد الإسلامي تحديداً قد يعني أن دوافع العملية وخلفياتها أمنية، وأنها أكثر ارتباطاً بالمواجهة مع النفوذ الإيراني.

ركّزت إسرائيل في التصعيد الأخير على استهداف الجهاد الإسلامي في هذه المرحلة للضغط عليها واستنزافها وإجبارها على وقف عمليات إطلاق الصواريخ، التي حمّلت إسرائيل أبو العطا شخصياً مسؤوليته عنه. ويمكن فهم الضربات الإسرائيلية كنوع من العبث في الساحة الداخلية الفلسطينية، وإظهار حالة خلاف داخل الفصائل في ملفات التهدئة والحرب عبر إظهار حركة حماس في مظهر الباحث عن الهدنة، وحركة الجهاد في مظهر الراغب في «المقاومة». وهو ما دفع إسماعيل هنية للتصريح قائلاً: «يحاول قادة الاحتلال خلط الأوراق في محاولة يائسة لقطع الطريق على استعادة وحدتنا الوطنية خاصة في ظل الأجواء الإيجابية التي سادت ساحتنا الفلسطينية خلال الأيام الأخيرة».

ومن الناحية السياسية فإن طبيعة الضربات العسكرية والتلميحات الإسرائيلية الإعلامية تشير بوضوح إلى عدم الرغبة في مشاركة حماس في هذه الجولة من المواجهة، والتأكيد على أن الهدف محدد وله طبيعة اعتبارية، ولا يتعلق بجولة تصعيد جديدة أو حملة تستهدف حركة حماس. أي أن نتنياهو يريدها جولة عابرة، يحقق فيها إنجازاً أمنياً، ولا يتورط بإدخال إسرائيل في مواجهة مفتوحة أمام المقاومة الفلسطينية.

 

خاتمة 

وسّعت إسرائيل دائرة استهدافها للنفوذ الإيراني والجماعات المرتبطة بها، ولم تعد تقصرها على سوريا بل امتدت لتشمل لبنان والعراق أيضًا، وهو ما يعني أنها تشمل قطاع غزة بالضرورة. وإذ يجب النظر إلى أهمية الاعتبارات السياسية الداخلية في إسرائيل، فإنه من غير الدقيق الاعتقاد بأن ما تفعله إسرائيل مرتبط كليًا بالأزمات الداخلية، وأن عمليات استهداف النفوذ الإيراني ستتوقف بعدها؛ فثمة توجه استراتيجي يوجه عمل المؤسسة الأمنية والعسكرية في إسرائيل. وعليه يمكن قراءة العملية الإسرائيلية الأخيرة في سياق المواجهة الإسرائيلية-الإيرانية غير المباشرة، وليس على أساس كونها جزءاً من الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.