1. المقدمة
هناك مقولة شهيرة يتداولها عشاق المستديرة تقول : “كرة القدم ليست مجرد لعبة”، إذ لم تعد كرة القدم “مجرد لعبة” للتسلية أو لقضاء وقت الفراغ، أو تمريناً جسدياً خالصا، بل غدت مع الأيام ظاهرة اجتماعية متكاملة الأركان، تعبر في جانب منها عن سيكولوجية الشعوب، وتكشف عن روح القتال أو المثابرة وعدم اليأس والتسليم بالهزيمة أو حتى الكسل فيها.
وتعبر كرة القدم في جانب أعم وأشمل عن صيغة من صيغ التفاعل الاجتماعي الإيجابي، وعدالة نسبية نادرة في الحياة العادية للبشر، فضلاً عن كون كرة القدم ظاهرة اجتماعية سياسية يتم التعويل عليها فى تخفيف حدة الخلاف بين الشعوب عبر ما يسمى بـ “دبلوماسية الرياضة”.
و قد يتطرف البعض الى رؤية أُخرى كما نقل عن لاعب الكرة الاسكتلندي وليام شانكلي عندما سئل: هل كرة القدم مسألة حياة أو موت؟ فأجاب “كلَّا، إنها أهم من ذلك بكثير”.
ولتعاظم دور الرياضة، وكرة القدم خصوصا بالجوانب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، نستعرض في دراستنا هذه تعزيز ثلاث دول خليجية (قطر والإمارات والسعودية) لقوتها الناعمة عالمياً ومحلياً من خلال ما يسمى بدبلوماسية كرة القدم.
2. كرة القدم والسياسة
يقول الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا: «ما وراء خط التماس (أي في الملعب)، لا يوجد شيء».
لم يكن دريدا يعني أن كرة القدم تفوق ما يجري خارج الملعب، ولكن ربما كل ما يحدث خارجه، كالسياسة والاقتصاد أو حتى الفن والثقافة، كل ذلك ينعكس تلقائيا على ملعب كرة القدم، والذي يعد صورة مصغرة للحياة نفسها.
على الصعيد السياسي والاجتماعي، نُوقشت كرة القدم منذ نشأتها من خلال الأنشطة القَـبَـلـيّـة والاحتجاجات والدعاية العسكرية والرموز السياسية وأنماط الذكورة، وهي منصة هامة للتمييز بين الطبقات السياسية والاجتماعية، حيث توفر كرة القدم مساحة فريدة للتعبير عن الهوية والثقافة للمجموعات المهيمنة التي تحاول وضع القيم الثقافية المعيارية ، والمجموعات البديلة والشتات التي تستخدم كرة القدم لانتقاد الوضع الراهن والاحتفاء بتغييره .
وفي السنوات الأخيرة، استفاد الفاعلون السياسيون من كرة القدم في التعبئة الاجتماعية والدعاية السياسية، والتي غالباً ما تدل على وجود شبكة من العلاقات بين كرة القدم والسياسة والمجتمع.
ولا يعد هذا الحضور السياسي بالأمر الجديد، فقد بات سمة ظاهرة تناولتها دراسات عدة ومنها كتاب بعنوان “الجوانب الجيوسياسية فى كرة القدم Géopolitique du football” والصادر عن أحد المراكز الاستراتيجية الفرنسية ، حيث تم اعتبار كرة القدم امتدادا للحروب لكن بصيغة مدنية إنسانية، واعتبرها الكتاب “الظاهرة الأكثر كونية في عصر العولمة”، إذ إنها أشمل من اقتصاد السوق وعملية الدمقرطة و إحدى الأدوات القوية في الدبلوماسية الدولية، ويقترح الكتاب استخدام كرة القدم للمساهمة بجهود توحيد شطري كوريا مثلاً أو الدفع باتجاه عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ، كما يمكن لها أن تكون من وسائل تحقيق الوحدة الوطنية في البلاد متعددة الأعراق واللغات والديانات ، حيث تتضافر مختلف الجماعات حول المنتخب الوطني، الذي يعد رمزاً تعلق عليه الأمة بعض آمالها ، خاصة إذا كان يضم تحت لوائه لاعبين ينتمون إلى هذه الجماعات.
من جهة أخرى نجد ساسةً عالميون يتعاطفون مع فرق كروية ويدعمون فريق كرة القدم المفضل لديهم، ويستغلون حب النادي كأداة سياسية ، مما يجعلهم يبدون أكثر واقعية، ومحبوبين لدى الجماهير، كما هو موضح بالشكل رقم (١) :
وتبرز التأثيرات السياسية لكرة القدم – بشكل عام – في عدة جوانب، أبرزها :
3. القوة الناعمة وكرة القدم
«الرياضة تمتلك القوة لتغيير العالم»، «الرياضة يمكنها خلق الأمل عندما لا يوجد سوى اليأس. إنها أكثر قوة فى تحطيم الحواجز العنصرية، إنها الابتسامة فى وجه كل أنماط التمييز العنصرى».. هذه بعض مقولات نيلسون مانديلا عن القوة الناعمة للرياضة أو ما يسمى بدبلوماسية الرياضة.
تزايد استخدام مفهوم الدبلوماسية الرياضية خلال العقدين الماضيين ، وأصبح يحتل مكانة ثابتة داخل الأروقة الدبلوماسية العامة، وهو ما يساهم في بناء علاقات طويلة الأمد بين الشعوب. وفي الكثير من الأحيان تعبر الجماهير خلال الأحداث الرياضية عن مشاعرها الحقيقية تجاه الدول الأخرى، وهو ما يمكن أن يتيح لكل دولة الفرصة لبناء صورتها الذهنية وقوتها الناعمة، كما يمكن أن يشير إلى المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها الدولة نتيجة إثارة مشاعر الجماهير، أوعدائها لدولة معينة.
وفي سياق متصل عمل جوناثان جريكس و باري هوليهان على تحليل مدى إسهام الرياضة في تعزيز القوة الناعمة للدول من خلال دراسة نموذجي:
١- استضافة ألمانيا لبطولة كأس العالم في عام 2006
٢- استضافة بريطانيا للألعاب الأولمبية الصيفية في عام 2012
حيث تركز الدراسة على كيفية توظيف الدول للرياضة في إطار سياسات تدعيم القوة الناعمة والترويج للنموذج الذي تُمثله عالميًّا.
قدمت الدراسةُ نموذجين مختلفين لاستغلال الرياضة كقوة ناعمة، حيث تم استخدام الفعاليات الرياضية الكبرى في الحالة الألمانية لصناعة الصورة، والتغلب على بعض الصور النمطية شائعة الانتشار عن المجتمع الألماني، خاصة ما يرتبط بالإرث التاريخي للنازية .
أما بريطانيا التي كانت تتمتع بسمعة دولية طيبة، فقد استخدمتها بهدف تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية التي يأتي على رأسها : تحقيق الأمن البريطاني، واستيعاب الشباب، والتغيير من ثقافة المجتمع البريطاني باتجاه التسامح وقبول الآخر.
من جهة أخرى عملت الدول الكبرى المنتجة للنفط ، والأثرياء في بعض الدول البترولية على ضخ مليارات الدولارات في أندية كرة القدم، ومعظمها في بطولات الدوريات الأوروبية، بغية تعزيز “قوتهم الناعمة”.
وتم تسليط الضوء على هذه النقاط من قبل جيمس إم دورسي ، كاتب ومؤلف مدونة The Turbulent World of Middle East Soccer لصحيفة The Fuse، واعتبر أن الغرض من ذلك يتعلق بالقوة الناعمة وإبراز أنفسهم من خلال الدبلوماسية الثقافية، وليس فقط القوة العسكرية. وفي السياق ذاته صرح فلورينتينو بيريز رئيس نادي ريال مدريد معلقاً على شراء الدول للاندية الاوروبية: ” سيأتي الوقت الذي يكون فيه أول 30 نادياً في أوروبا مملوكة لدول. هذا ليس مبدأ المجتمع الأوروبي”.
4. النماذج العربية لاستخدام كرة القدم كقوة ناعمة
امتد تأثير العرب إلى هو ما أكثر من مجرد متابعة كرة القدم ونجومها والاستمتاع بمشاهدتها، بل السيطرة على الأندية الأوربية عن طريق شرائها والاستثمار فيها، وذلك من أجل تحقيق أكبر استفادة ممكنة بصناعة التاريخ والأموال معاً. ونذكر على سبيل المثال :
- عبد الله بن مساعد بن عبد العزيز آل سعود مالك نادي شيفلد يونايتد
- ماجد سامي مالك نادي ليرس البلجيكي و إيرجوتليس اليوناني
- تركي آل الشيخ مالك ألميريا الإسباني
- عبد الله آل ثاني مالك نادي ملقة
- ناصف ساويرس مالك نادي أستون فيلا
- عاصم علام مالك نادي هال سيتي
وسنستعرض فيما يلي سعي قطر والإمارات والسعودية لبناء قوة ناعمة من خلال ما يسمى بدبلوماسية كرة القدم و استغلال هذه الرياضة الشعبية لغايات سياسية واقتصادية.
4. 1 دولة قطر
وفقا لتقرير نشره مركز الجزيرة للدراسات، يذكر باسكال بونيفاس، وهو أحد أبرز المحللين الاستراتيجيين الفرنسيين عن دبلوماسية قطر الرياضية: “اعتمدت قطر الرياضة كبعد أساسي لاستراتيجية بناء الصورة الذهنية، والتي تتبناها كواحدة من استراتيجيات سياستها الخارجية للتعريف بها وتعزيز مكانتها في المحافل الدولية”.
وأعطى بونيفاس، مثالاً عن دور دبلوماسية الرياضة في تغيير سمعة قطر التي كانت مرتبطة في مخيلة الفرنسيين بقضايا الإسلام السياسي، وتشجيعها فرنسا على إسقاط الزعيم الراحل الليبي معمر القذافي ، واتهامات اليمين المتطرف لها بدعم الإرهاب، تلك الصورة تغيّرت حينما اشترت نادي باريس سان جيرمان.
وأضاف بونيفاس: “قطر ودبلوماسية نفوذها لم تكن معروفة إلا لدى عدد محدود من النخبة الفرنسية المهتمة بالسياسة الخارجية، لكن اقتحام قطر لعالم الرياضة في فرنسا قلب الوضع رأساً على عقب. إن إدراك صورة قطر في فرنسا لم يعد بعد شراء باريس سان جيرمان كما كان قبله؛ فاليوم بات الجميع يعرف قطر ويعرف أين تقع”.
يعد استخدام الرياضة لكسب حظوة في الخارج جزءا من نهج قطر متعدد الجوانب لبناء سمعتها ، إلى جانب المشاركة في وساطات السياسة الخارجية ، وشراء العقارات في الدول الغربية ، والاستثمارات الممتازة. حيث أضاف دورسي: “الصورة التي حاولت قطر إبرازها هي صورة تطلعية وتقدمية ، فهي مواطن صالح في العالم” على حد تعبيره ، ويستعرض الشكل رقم (٢) أبرز أنشطة قطر بدبلوماسية كرة القدم.
يمكن القول إن الرياضة هي من أبرز مجالات النشاط لمشاركة قطر العالمية ضمن الرؤية الشاملة للتنمية لدولة قطر “رؤية قطر الوطنية 2030” لتعزيز القدرة التنافسية وجذب الاستثمار.
- قامت قطر بداية باستضافة عدد كبير من البطولات الرياضية الدولية الكبرى في شتى أنواع الرياضات أبرزها: بطولة قطر المفتوحة للتنس، بطولة قطر المفتوحة للجولف ماسترز، ودورة الألعاب الآسيوية 2006 ، ودورة كأس آسيا لكرة القدم 2011، وكأس العالم لكرة اليد 2015، وكأس العرب 2021، وأخيراً الحدث الأكبر بطولة كأس العالم لكرة القدم المرتقبة في 2022.
- كما وقعت هيئة السياحة القطرية عقداً دعائياً لمدة أربع سنوات لوضع شعار الخطوط الجوية القطرية بين عامي 2013 و2016 على قمصان نادي برشلونة الإسباني بصفقة اجمالية بلغت 300 مليون يورو.
- ترعى الخطوط القطرية قمصان ثلاثة أندية دولية، هي روما الايطالي ونادي بوكا جونيورز الأرجنتيني ونادي بايرن ميونيخ الألماني.
- أبرمت “الخطوط القطرية ” عقداً لرعاية كأس العالم مع الاتحاد العالمي لكرة القدم “فيفا” لتصبح الشريك الرسمي، و شركة الطيران الرسمية لبطولاته حتى عام 2022
- في عام 2010 اشترى الشيخ عبد الله بن ناصر آل ثاني، رئيس الوزراء القطري الحالي، نادي ملقا الإسباني بـ 25 مليون يورو وأنقذ النادي من الإفلاس، ليستعيد بعد موسمين النقود التي أنفقها
- شراء قطر لباريس سان جيرمان : استحوذت مؤسسة قطر الاستثمارية الرياضية على نادي باريس سان جيرمان الفرنسي عام 2011 بمبلغ يقارب 100 مليون يورو، شاملاً ذلك شرائها ما يقارب 20 مليون من الديون المتراكمة على النادي.
- إستضافة قطر لكأس العالم : يتمثل الدافع الرئيسي الأول خلف استضافة قطر لبطولة كأس العالم في الشرق الأوسط على رغبة الدولة في النأي بنفسها عن بعض القضايا الاجتماعية والسياسية الأوسع في المنطقة. وتتناسب هذه الرغبة مع طموحات قطر السياحية الأوسع – وهو أحد الأهداف المركزية لرؤية الدولة الوطنية 2008، حيث تهدف استضافة بطولة كأس العالم 2022 إلى إبعاد الدولة عن بعض القضايا الاجتماعية والسياسية التي واجهتها منطقة الشرق الأوسط خلال ماضيها القريب. وبالتالي ، تتطلع السلطات القطرية إلى استخدام الأهمية الدولية لاستضافة أول نهائيات شرق أوسطية على الإطلاق لتصحيح أي جوانب سلبية في صورتها الدولية من خلال إظهار نفسها كدولة مسالمة و محبة للرياضة. حيث تتجلى أهمية استضافة الأحداث الرياضية الضخمة أنها تجلب معها اهتماماً إعلامياً عالمياً غير مسبوق وهذا وحده كفيل بوضع الدولة المضيفة على الخريطة الدولية
يقول جيمس مونتاغي، مؤلف كتب “نادي المليارديرات” و” كرة القدم في منطقة الحرب” و”ملحمة كأس العالم” في تصريحات لـCNN: “عندما يكون هناك دول تشتري أندية كرة قدم، فإن مصلحتهم الاساسية تكمن في تحسين سمعتهم، هذه مسألة قوة ناعمة وهي مسألة سياسية أيضا”. وتابع بالقول: “لا يمكن التشكيك في قدرة كرة القدم على الوصول للعالم، ولذلك إذا أردت أن تعرض صورتك على الساحة الدولية، فإنه لا يوجد وسيلة أفضل من شراء نادي كرة قدم مناسب”. وهو يؤكد “أن امتلاك أحد الأندية، أو رعاية ملعب، أو وضع اسمك على قميص أحد الأندية، وأن تكون متاحا للمشاهدة في أكثر من 200 دولة حول العالم، أسبوع بعد أسبوع، دون أي نوع من الدلالات السلبية، كل ذلك يمثل أداة قوية مذهلة لتشكيل صورة على الساحة الدولية”.
ورأى مونتاغي أن “تقديم باريس سان جيرمان لنجمين كبيرين يمنح قطر ثقلا كبيرا في الأزمة الخليجية ووسط الاتهامات الموجهة لها رغم التكلفة المالية القياسية”، وذلك في أثناء الأزمة الخليجية السابقة.
و كغاية أساسية لقطر ، تعتبر عمليات الاستحواذ على كرة القدم جزءاً من إستراتيجية القوة الناعمة الأوسع نطاقاً ، والتي قد تكون من نواح كثيرة النهج الأكثر إستراتيجية في الخليج. حيث لا تمثل الرياضة جانباً رئيسياً فقط من جهود قطر لتكريس القوة الناعمة ، بل هي أيضاً أحد أعمدة الهوية الوطنية والتي ستكون كأس العالم 2022 جوهرة تاجها الإستراتيجية.
4. 2 الإمارات العربية المتحدة :
وفقاً للتقرير العالمي لمؤشر القوّة الناعمة 2020 الذي تعده مؤسسة “براند فايننس”، فان دولة الإمارات الأولى عربياً في مؤشر القوة الناعمة وضمن المراكز الأولى عالمياً في التأثير العالمي والعلاقات الدولية.
قامت مجموعة أبوظبي المتحدة للتنمية والاستثمار عام 2008 بشراء نادي مانشستر سيتي الإنكليزي بصفقة تقدر – وفقا لقيمة حقوق ملكية النادي وديونه- بـ 200 مليون جنيه إسترليني (360 مليون دولار). وبعدها في عام 2013 أسست مجموعة أبوظبي المتحدة شركة قابضة باسم “سيتي فوتبول جروب” وبدأت الشركة بتوسيع استثماراتها في كافة أنحاء العالم حيث وصل عدد الأندية المملوكة من قبل الشركة إلى 10 أندية من بلدان مختلفة أبرزها نيويورك سيتي في أمريكا، وملبورن سيتي في أستراليا، ويوكوهاما مارينوس الياباني، ومونتيفيديو سيتي تورك في الأوروغواي وجيرونا الإسباني وسيشوان جيونوي الصيني، ومومباي سيتي الهندي وغيرها.
على هذا النحو ، أصبحت كرة القدم ، الرياضة الأكثر مشاهدة في العالم، إعلاناً عالمياً لأبوظبي وطريقة لممارسة “استراتيجية القوة الناعمة” لدولة الإمارات العربية المتحدة.
ولم يقتصر الرأسمال الإماراتي على شراء الأندية الأوروبية وإنما توسع ليشمل عالم الإشهار والتسويق التجاري. وكان قطاع الطيران أول من اقتحم هذا السوق، حيث أصبحت أقمصة كبرى الأندية الأوروبية تحمل العلامات التجارية لشركة “طيران الإمارات” التابعة لإمارة دبي في سوق كرة القدم الأوروبية، ووقعت عقد رعاية عام 2001 مع نادي تشيلسي الإنجليزي، وبعدها بسنوات أبرمت عقدا ضخما (150 مليون دولار) مع نادي أرسنال، حيث نصت بنود الاتفاق على إطلاق اسم الإمارات على ملعب النادي وطبعه على أقمصة اللاعبين.
كما أبرمت الشركة عقودا مماثلة مع أندية أوروبية عريقة منها ريال مدريد الإسباني وميلان الإيطالي وهامبورغ الألماني. وينطبق الأمر نفسه على شركة “طيران الاتحاد” المدعومة من أبو ظبي التي حمل علامتها التجارية لاعبو مانشستر سيتي. وبلغت قيمة الرعايات الرياضية الإجمالية لطيران الإمارات 272.25 مليون دولار أمريكي لعام 2013 .
من ناحية أخرى، يعتقد أوري ليفي، الصحفي الإسرائيلي المتخصص في كرة القدم في الشرق الأوسط، أن انتقال لاعب إسرائيلي إلى ناد في الإمارات العربية المتحدة قد يكون قفزة مهمة في العلاقات بين البلدين.
ويضيف “نحن نعيش في وقت يبدو فيه كل ما كان مستحيلاً ممكنا، فاللاعب الإسرائيلي الأول الذي يوقع عقدا مع ناد في الإمارات، سيكون بعد رئيس الوزراء نتانياهو ثاني أشهر إسرائيلي في دولة الإمارات”، وأضاف ليفي قائلاً عقب انتقال أول لاعب إسرائيلي لنادي إماراتي ضياء السبع “سيكون عملياً سفير إسرائيل، وربما أكثر من السفير الحقيقي في أبوظبي”.
4. 3 المملكة العربية السعودية
تواترت الأحداث الرياضية في المملكة السعودية مؤخرا سعياً للالتحاق بركب الدول المجاورة، أبرزها :
- احتضان السعودية كأس السوبر الإيطالي في نسختين متتاليتين 2018 و 2019
- توقيع عقد شراكة لمدة عشر سنوات مع اكبر اتحاد للمصارعة الأمريكية عام 2018.
- استضافة المملكة السعودية مباراة الملاكمة على بطولة العالم للوزن الثقيل بين الملاكمين أنتوني جوشوا وأندي رويز عام 2019.
- استضافة بطولة كأس العالم للأندية لكرة اليد “سوبر جلوب” عام 2019.
- استضافة رالي دكار وكأس السوبر الإسبانية والبطولة السعودية الدولية للغولف في يناير 2020، وسباق السعودية 2020 للدراجات الهوائية في نسخته الأولى.
- جائزة السعودية الكبرى للفورمولا 1 لعام 2021 .
مؤخراً استحوذ صندوق الثروة السيادي السعودي على نادي نيوكاسل الإنجليزي في صفقة تزيد قيمتها عن 300 مليون جنيه إسترليني وذلك بعد معركة قانونية تنطوي على مخاوف بشأن القرصنة وانتهاكات الحقوق في المملكة.
وانهارت عملية الاستحواذ على 300 مليون جنيه استرليني (409 ملايين دولار) من قبل صندوق الاستثمارات العامة السعودي في البداية العام الماضي بسبب مخاوف بشأن مدى سيطرة قيادة المملكة على إدارة نيوكاسل.
وتوجب على صندوق الاستثمارات العامة أن يقدم تأكيدات إلى الدوري الإنجليزي الممتاز بأن رئيسه ، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ، ومن خلفه الدولة السعودية، لن يكون لهما أي سيطرة على إدارة نيوكاسل.
ويقول كريستيان أولريشسن، الخبير في سياسات دول الخليج في معهد بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس، لمجلة “فورين بوليسي” “إنهم (السعوديون) يستخدمون القوة الناعمة لكرة القدم، التي تتمتع بجاذبية عالمية، لمحاولة تغيير وجهة نظر الناس في السعودية”. ويضيف: “يتحدث الناس عن السعودية الآن في شيء آخر غير قضايا مقتل الصحفي جمال خاشقجي وحرب اليمن وملف حقوق الإنسان”.
ويقول نبهان الحناشي، القائم بأعمال مدير منظمة القسط لدعم حقوق الإنسان، لوكالة رويترز حول تلميع صورة السعودية: “الصفقة تُظهر نجاح استراتيجية العلاقات العامة الخاصة بالاستثمار في المشاريع الرياضية لتلميع صورتهم”.
ماذا تريد السعودية من نيوكاسل تحديدًا ؟
وفقاً لتشادويك، سيكون نيوكاسل أساسًا لترويج أهداف السعودية الاقتصادية السياسية الأوسع، مثل شركة الطيران الدولية الجديدة والاستفادة من البث التلفزيوني للدوري الإنكليزي في أكثرمن 200 منطقة.
وتحتاج نيوكاسل – كنادي ومدينة – إلى بنية تحتية ضخمة، لذلك تم إدخال الإخوة روبن، مليارديرات العقارات في الصفقة، وصولًا إلى تطوير عقاري سكني وتجاري أوسع في الشمال الشرقي من إنجلترا عموما. كما يعد نهر تاين في نيوكاسل ميناء حاويات ضخم سيساعد السعودية في إنشاء شبكتها العالمية، بخلاف الاستخدام المهم لطاقة الرياح عبر تسهيل ضخ رأس المال لتصنيع وتوزيع التوربينات.
بالتالي ما تحاول السعودية فعله بشكل أساسي هو إنشاء ناد وفقا لهويتهم الخاصة ، بحيث يعكس صورتهم وما يحاولون القيام به. حيث لا يعد جني الأرباح المالية الدافع الوحيد لذلك، حيث يتيح مناخ كرة القدم بناء علاقات اشمل مع أصحاب المصالح المعنيين سياسياً واقتصادياً.
ووفقا لإحصاءات: لا يهتم ٩٧ بالمائة من مشجعي نيوكاسل بالانتقادات التي توردها منظمات دولية للسعودية، حيث يتم التعامل مع كرة القدم باعتبارها شبه ديانة في نيوكاسل ، حيث عانى المشجعون عقوداً من خيبة الأمل ، وكان آخر ألقابهم الكبرى في عام 1955.
قد يكون الأمر مبرراً باعتبار أن إن القاعدة الجماهيرية الكبيرة والمخصصة لليونايتد تشير إلى أن النادي كان يُنظر إليه على أنه عملاق نائم وجاهز للاستثمار. الأمر الذي سينعكس ايجاباً على المملكة حيث ستتردد أصداء عملية الاستحواذ إلى ما هو أبعد من حدود المدينة ، مما يمنح الرياض موطئ قدم في دوري كرة القدم الأكثر ربحا في العالم، بمتوسط ​​جمهور عالمي يبلغ حوالي 3 ملايين لكل مباراة.
5. ارتباط كرة القدم الأوربية بالدول
6. ارتباط كرة القدم الأوربية بالدول
7. الخاتمة
مما لا شكَّ فيه أنَّ كرة القدم أداة مثالية من أدوات الصراع السياسي والاجتماعي في العالم، إذ وُظِّفت كرة القدم من أجل تعزيز مختلف مصالح الدول، سواء أكانت أيديولوجية أم سياسية؛ وأصبحت مكونا من مكونات الدولة القومية، فضلا عن مساهمة كرة القدم في المنظومة تالدولية بغض النظر عن تباينات الأنظمة السياسية. كما تمثل القوة الناعمة التي تستخدمها الدول في سبيل سعيها لتبوّء مكانة مهمة على الصعيد السياسي والاقتصادي في نظام رأسمالي تحكمه التنافسية والمصالح والمال.
وبات قطاع كرة القدم مجالًا شديد الأهمية في منطقة شبه الجزيرة العربية وتبرز هذه الأهمية في وجود حجم ضخم من الاستثمارات غير المباشرة لاستضافة أحداث رياضية دولية كملف استضافة قطر لكأس العالم الذي يمثل حدثا نوعيا في سياق تعزيز قوتها الناعمة وصورتها الدولية، وبما قد يفتح المجال لمزيد من النفوذ السياسي والاقتصادي لقطر عالميا.
في حين ذهبت الاستثمارات المباشرة لشراء حقوق ملكية الأندية الرياضية مثل نادي باريس سان جيرمان الفرنسي ( قطر) ونادي مانشستر سيتي الإنكليزي (أبو ظبي)، ونادي نيوكاسل يونايتد الإنكليزي (السعودية) . وعلاوة على ما تقدم، هناك عقود حقوق رعاية وحقوق تسمية منشآت رياضية (مثل ملعبي الاتحاد والإمارات في إنكلترا)، بالإضافة إلى حيازة الحقوق الحصرية للبث التلفزيوني لأبرز البطولات الأوروبية الكبرى وللأحداث الرياضية العالمية البارزة