Site icon مركز الأناضول لدراسات الشرق الأدنى

قطر والخليج بعيون إسرائيلية | اغسطس 2021

أبرز المستجدات في شهر أغسطس

8 أغسطس: زيارة مسؤول بحريني إلى إسرائيل

التقى الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة وكيل وزارة الخارجية البحرينية بوزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد والرئيس إسحاق هرتسوغ. وذكر المسؤول البحريني خلال اللقاء أن لإيران يد في كل أزمة في المنطقة. وذكر أيضًا أن شركة طيران الخليج البحرينية ستبدأ قريبًا رحلاتها إلى إسرائيل.

27 أغسطس / آب: مقابلة بايدن – بينيت

الاجتماع، الذي كان من المقرر عقده في 26 أغسطس، تم عقده في 27 أغسطس مع تأجيل لمدة يوم واحد بعد الهجوم في كابول. وكان البند الرئيسي على جدول أعمال الاجتماع إيران. خلال الاجتماع الذي عقد في البيت الأبيض صرح بايدن أنهم مستعدون للتحول إلى خيارات أخرى إذا لم يتحقق النجاح الدبلوماسي في المحادثات النووية مع إيران. كما شدد بايدن على أهمية قيام إسرائيل بتطوير علاقات أعمق مع جيرانها العرب والمسلمين الآخرين.

30 أغسطس: التقى محمود عباس مع بيني غانتس

التقى وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في رام الله. تم تسجيل الاجتماع كأول اجتماع رفيع المستوى بين إسرائيل وفلسطين منذ عام 2010. وكانت البنود الرئيسية على جدول أعمال الاجتماع قضايا الأمن القومي والاقتصاد.

30 أغسطس / آب: السفير البحريني يبدأ مهامه في إسرائيل

بدأ خالد يوسف الجلاهمى أول سفير للبحرين لدى إسرائيل مهامه في إسرائيل.

أخبار ومنشورات مهمة عن قطر والخليج في الصحافة والمراكز البحثية الإسرائيلية في أغسطس

مقال منشور في معهد دراسات الأمن القومي بعنوان “مر عام على توقيع الاتفاقية: يجب تسريع عملية التطبيع”. وقد تناول المقال الموضوعات التالية:

ذُكر في جزء آخر من المقال أن اتفاقيات إبراهيم يمكن أن تشكل نموذجا تحتذي به الدول العربية الأخرى التي لم تطبع بعد مع إسرائيل. وجاء فيها أن لهذا، يجب على إسرائيل أن تروج وتعلن عن المكاسب التي تمهد لها الاتفاقيات. ومع ذلك، هناك نقطة مهمة يجب ذكرها هنا. وهي أن المقال لم يتجاهل دور الولايات المتحدة الأمريكية في تحقيق هذه المكاسب بما أنها تشكل العنصر الأساسي في تعميق وتوسيع نطاق الاتفاقيات، وأنه هذا أصبح من الصعب تحقيقه في ظل الإدارة الجديدة. إضافة إلى ذلك، أشار المقال إلى حجم الثقل الإقليمي لتوقيع اتفاقية تطبيع محتملة مع المملكة العربية السعودية وأنه سيكون كبيرا.

نُشرت العديد من المقالات التي ترى بأن التحركات الجديدة في السياسة الخارجية لواشنطن أضرت كثيرا بمصداقية الولايات المتحدة في مراكز دراسات وأبحاث مختلفة. وتتناول المقالات الموضوعات التالية:

نشر موقع معهد دراسات الأمن القومي مقالا بعنوان “الأمن السعودي: تحديات متزايدة وقيود استراتيجية”. ويتناول المقال الموضوعات التالية:

التقييم العام لشهر أغسطس: اتفاقيات إبراهيم في عامها الأول

مر عام كامل على إعلان ترامب عن اتفاقيات إبراهيم في البيت الأبيض. وكانت خطوات “التطبيع” قد أثارت حماسا كبيرا في تل أبيب بشكل خاص، واعتبرت الاتفاقية من أبرز انتصارات حكومة نتنياهو. وخلال هذا العام، حدثت الكثير من الأحداث والتغييرات المهمة في المنطقة؛ فلم يعد أهم الفاعلين في الاتفاقيات، نتنياهو وترامب، في منصبهما. كذلك تبنت الولايات المتحدة سياسة جديدة في الشرق الأوسط، وتم تشكيل حكومة جديدة في إسرائيل. وفوق ذلك، حصلت بعض الأحداث التي كانت على وشك أن توقع بين أطراف الاتفاقيات. وعلى الرغم من كل هذا، من الملاحظ أن اتفاقيات إبراهيم لا تزال تحافظ على أهميتها. فقد لقيت الذكرى السنوية للاتفاقيات اهتماما كبيرا في الصحافة الإسرائيلية. ونشرت العديد من مراكز الدراسات والبحوث والصحف تقييمات مختلفة حول السنة الأولى. ونحن في هذا التقرير، سنناقش اتفاقيات إبراهيم بمناسبة مرور عام على إعلانها.

لقد أصبحت كل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين ثالث ورابع دولتين تقيمان علاقات رسمية مع إسرائيل بعد مصر والأردن مع إعلان اتفاقيات إبراهيم. كان توقيع مثل هذه الاتفاقيات مع دول المنطقة أمر مهم جدا بالنسبة لإسرائيل أيضا. إذ هي بهذه الاتفاقات بدأت ترسم لنفسها صورة جديدة في العالم العربي. واكتسب التحالف الإسرائيلي ـ السني شرعية ضد التهديد الإيراني. وبالرغم من أن التهديد الإيراني كان الدافع الرئيسي لعقد اتفاقيات إبراهيم، إلا أن جماعة الإخوان المسلمين والحركات المرتبطة بها كان العدو المشترك الآخر بين الدول الأطراف في الاتفاقيات وإسرائيل. وهكذا، شهد الخط الإماراتي الإسرائيلي ارتفاعا سريعا بعد الاتفاق وأحرز الثنائي تقدما كبيرا وخاصة في مجال السياحة والتجارة. وتم دعم التعاون السياسي والاقتصادي بين البلدين من خلال الفعاليات الثقافية المختلفة التي تم الإعلان عنها على وسائل التواصل الاجتماعي. ولخلق صورة أفضل عن العلاقات الثنائية، بدأ البلدان حملة على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال التطورات الثقافية مثل إقامة احتفالات في الأعياد اليهودية وافتتاح مطاعم الكوشر وإنشاء جالية يهودية في الإمارات العربية المتحدة. ويولي الجانب الإسرائيلي بشكل خاص أهمية كبيرة لهذه الاتفاقيات. وقال يائير لابيد في تصريحاته خلال زيارته للإمارات: “هذه اتفاقية المستقبل، اتفاقية أبنائنا”، في إشارة إلى أن إسرائيل تخطط لرسم مستقبل جديد في المنطقة من خلال اتفاقيات إبراهيم. وقد أدلى العديد من السياسيين الإسرائيليين بتصريحات مشابهة.

غير أن الطاولة انقلبت رأسا على عقب مع قدوم الحكومة الأمريكية الجديدة؛ واهتزت معارضة إيران، إحدى ركائز اتفاقيات إبراهيم. وبما أن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت مفاوضات العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران وغيرت سياساتها الإقليمية في المنطقة بعد ترامب، فقد بدأت دول الخليج تعيد تواصلها مع طهران. غير أن هذا يشوه صورة اتفاقيات إبراهيم المبنية على تشكيل تحالف مناهض لإيران. فعلى الرغم من أن التحالف بهذا الحجم، إلا أن حقيقة كون سياسة صد إيران تعتمد على السياسات الأمريكية بشكل كبير، يثير الشكوك والتساؤلات المختلفة حول اتفاقيات إبراهيم.

ولقد كانت اتفاقيات إبراهيم شديدة الارتباط بترامب وصهره جاريد كوشنر، لدرجة أن الحكومة الأمريكية الجديدة لم تمتنع حتى الآن من استخدام مصطلح “اتفاقيات إبراهيم” على الاتفاقيات. ومع أن هذا لا يبدو مسألة كبيرة، يمكننا القول بأن المعسكر الخليجي الإسرائيلي الذي سيقف في مواجهة إيران في المنطقة، لا يتوافق مع خطط حكومة بايدن في الشرق الأوسط، باعتبار التطورات الأخرى مثل محادثات فيينا وخطة الانسحاب الأمريكي من الشرق الأوسط.

ذلك لأن عدم السماح لإيران بالحصول على التفوق العسكري في المنطقة كان من الأهداف الرئيسية لإدارة ترامب والاتفاقيات التي عقدتها. وفي هذا، كانت الولايات المتحدة قد منحت للدول العربية الأطراف في الاتفاقيات، امتيازات مختلفة مقابل توقيع الاتفاقيات. فمثلا، كانت المكاسب الأساسية التي حصلت عليها دولة الإمارات العربية المتحدة من هذه الاتفاقية، موافقة الولايات المتحدة على بيع طائرات أف-35 لها. غير أن هذا أثار شعورا بالانزعاج عند إسرائيل، وصرح رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، نتنياهو أن صفقة البيع هذه لا علاقة لها بالاتفاقية وأن إسرائيل ترفض هذا. فقد كان احتمال فقدان “التفوق العسكري النوعي” في المنطقة لصالح دولة أخرى، من أكثر التهديدات التي تخشاها إسرائيل. والحق أن شراء الإمارات العربية المتحدة التي تتمتع بقوة شرائية واسعة، للأسلحة الحديثة من الولايات المتحدة الأمريكية أمر من شأنه أن يغير التوازنات العسكرية كاملة في المنطقة. لكن إدارة بايدن أوقفت قرار البيع هذا ومن ثم علقته. وكانت إدارة ترامب قد وافقت عليه خلال ساعات ترامب الأخيرة في البيت الأبيض. ومع أنه قد يبدو في البداية أن اتخاذ البيت الأبيض لمثل هذه الخطوة يصب في صالح إسرائيل، إلا أن جانبه السلبي يظهر عند تقييم الأمر مع ربطه بالدور الجديد الذي أوكلته الولايات المتحدة لإيران في سياستها الجديدة في الشرق الأوسط.

ولقد طرحت العديد من النظريات والتحليلات حول السبب الحقيقي وراء الانسحاب الأمريكي من الشرق الأوسط. ووفقا لإحدى هذه التحليلات، كان تقليص الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة أحد الخطوات التي تم اتخاذها لإعادة إيران إلى الاتفاق النووي. وبعبارة أخرى، أرادت الولايات المتحدة بهذه الخطوة إقناع إيران بعدم وجود قوة حقيقية تهددها في المنطقة. ويمكن تقييم إيقاف الولايات المتحدة مبيعات الأسلحة إلى الإمارات العربية المتحدة، في سياق هذه النظرية، على الأقل في الوقت الحالي. وباختصار، لا ترغب الولايات المتحدة بوجود قوة عسكرية كبيرة تمثل تهديدا لإيران في المنطقة في المرحلة القادمة.

أما السبب الرئيسي لتعليق الولايات المتحدة الأمريكية مبيعات الأسلحة إلى الإمارات العربية المتحدة فقد كان توسع خط التجارة والعلاقات الإماراتية الصينية. إذ ترى الولايات المتحدة في الصين وتأثيرها المتزايد في المنطقة أحد التهديدات الرئيسية في المنطقة. ولهذا السبب تماما، انزعج الجانب الأمريكي من حقيقة فوز الشركات الصينية في مناقصة ميناء حيفا. وهكذا، يمكن القول بأن إيجاد بديل للنشاط الصيني في إسرائيل من خلال الإمارات العربية المتحدة يشكل أحد الأهداف الخفية لاتفاقيات إبراهيم. وفي هذا، قامت إسرائيل بوضع آلية لتقييم الشركات العالمية التي ستشارك في المناقصات بعد ردود الفعل التي جاءت من الولايات المتحدة الأمريكية على فوز الشركة الصينية “SIPG” بمناقصة تجديد وتوسيع ميناء حيفا. وبعد اتفاقية إبراهيم، دخلت كل من دي بي وورلد (موانئ دبي العالمية) المملوكة لأمير دبي آل مكتوم ويلديرم هولدينغ التركية مناقصة أخرى تتعلق بميناء حيفا. وبينما لم تتمكن شركة يلديرم هولدينغ من اجتياز الآلية الجديدة، مُنحت دي بي وورلد الإذن بالمشاركة في المناقصة.

1: حدثت زيادة كبيرة في استثمارات الصين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مؤخرًا.

وعلى صعيد آخر، يحمل إيقاف الولايات المتحدة مبيعات الأسلحة إلى الإمارات العربية المتحدة مخاطر على كل من الولايات المتحدة والمنطقة واتفاقيات إبراهيم. فعلى سبيل المثال، أبدت روسيا صراحة رغبتها في تجارة الأسلحة مع دول الخليج مؤخرا. وفي هذا، وصفت الصحافة الإسرائيلية توقيع المملكة العربية السعودية اتفاقية تعاون عسكري مع روسيا في معرض آرمي-2021 الذي أقيم في روسيا، بأنها خطوة تُذل الولايات المتحدة. وكانت دول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية، قد أظهرت اهتمامها بصواريخ أس-400 وسو-35 الروسية في السابق. وهكذا، فإن انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة وتوكيلها إيران للعب دور أوسع في المنطقة يعني أن هناك تهديدات أكبر وأكثر خطورة تنتظر دول الخليج. الأمر الذي قد يفسح المجال أمام الفاعلين أمثال روسيا والصين لتزيد من نشاطها في تجارة الأسلحة في المنطقة. وعلى أي حال، يمكننا القول بأن الوضع الجديد محمل بتطورات مختلفة قادرة على أن تهدد التفوق العسكري لإسرائيل في المنطقة.

ولم يكن تعليق الولايات المتحدة قرار بيع الأسلحة هو الأمر الوحيد الذي خيب آمال دولة الإمارات العربية المتحدة بعد اتفاقيات إبراهيم. فقد تم تجميد “صندوق إبراهيم للتنمية” الذي تم إنشاؤه بين الثلاثي الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وكان من المتوقع أن يكون مصدر تدفق أموال بقيمة 3 مليارات دولار إلى المنطقة، الشهر الماضي بقرار من البيت الأبيض. لذلك، هناك العديد من الشخصيات في الإمارات العربية المتحدة التي تعتقد بأن الاتفاقية لم تحقق المكاسب المتوقعة منها بعد، على عكس الجانب الإسرائيلي. وقد وضح محمد باهارون، المدير العام لمركز دبي لدراسات السياسة العامة، لسيث فراتزمان من صحيفة جيروزاليم بوست، أن إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي هو الهدف الرئيسي من اتفاقيات إبراهيم وأن هذا لن يحدث حتى يتم حل مشكلة فلسطين. كذلك وصفت الإمارات الاتفاقية للرأي العام بأنها محاولة لحل القضية الفلسطينية. ومع ذلك، يمكننا القول بأن الإمارات لا زالت تتوقع خطوة من إسرائيل في هذا الصدد مع مرور عام على توقيع الاتفاقية. وفي هذا، كانت المعركة الأخيرة بين غزة وإسرائيل في مايو بمثابة الاختبار الأول للاتفاقيات بالنسبة للكثيرين، وقد نجحت فيها اتفاقيات إبراهيم. فقد استخدمت الإمارات العربية المتحدة لغة يمكن اعتبارها مؤيدة لإسرائيل أثناء الاشتباكات الأخيرة. وقد عزز هذا من شكوك العالم العربي والإسلامي الذي يعتقد أن هذه الاتفاقيات لم تبرم من أجل القضية الفلسطينية، بل ضد فلسطين ورغما عنها. غير أن الأحداث في مايو قد تكون أول قطرة تنذر بأزمة محتملة مع أنها لا تشكل تهديدا خطيرا على الاتفاقيات.

لقد أشار فراتزمان إلى مخاوف دبي المختلفة في نفس المقال الذي نشره في جيروزاليم بوست. ووفقا له، ترسم دبي صورة أكثر تشاؤما على عكس الآراء الإسرائيلية. وفي هذا السياق، يبرز تجميد الاتفاقية التي تتضمن استخدام خط الأنابيب الإسرائيلي بين آسيا وأوروبا لنقل النفط الإماراتي إلى أوروبا كحدث مهم آخر سيكون بمثابة اختبار آخر تمر به اتفاقية إبراهيم. ويعتبر هذا مهما لإظهار مدى الاختلاف بين الحكومة الإسرائيلية الجديدة والحكومة القديمة وأن الحكومة الجديدة لن تتعاطى مع علاقات الدول الأخرى بنفس طريقة الأولى. لقد أعلنت إسرائيل تجميد الاتفاقية وعزت ذلك إلى المشاكل البيئية. وجدير بالذكر أن الخبراء حذروا حكومة نتنياهو من تأثيرات المشروع على البيئة، لكن الحكومة وقعت الاتفاقية متجاهلة كل التحذيرات.

2: تم تعليق المشروع ، الذي كان من المقرر أن ينقل النفط الإماراتي إلى البحر الأبيض المتوسط عبر الحقل البري الإسرائيلي.

إن تعامل الإمارات العربية المتحدة مع الاتفاقية بحذر قد يكون عائدا إلى الدور الإقليمي الجديد الذي أسندته الولايات المتحدة لإيران. وفي هذا الصدد، ستجد دول الخليج طرقا بديلة لوقف التهديد الإيراني. وقد يكون في اختيار مسار الحوار مع إيران دليلا على نزوع دول الخليج إلى هذه البدائل. أما إسرائيل فتفتقر إلى هذه البدائل. ويمكن تقييم استمرار الاتصالات الدافئة بين إسرائيل وإيران كإشارة على أن كلا الجانبين لن يتراجع خطوة واحدة إلى الوراء. لذلك، سيكون استخدام دول الخليج البدائل المتاحة لها بدلا من المخاطرة بالاتصالات الدافئة والمباشرة خيارا أكثر منطقية بالنسبة لها.

ويمكن استعراض الأزمات والاختبارات التي مرت بها الاتفاقية حتى الآن على النحو التالي:

عند النظر إلى الاتفاقات المبرمة مع الدول الأخرى، يتضح أن اتفاقيات التطبيع بمثابة اتفاقيات مقايضة ثلاثية تحصل فيها الدول العربية على فوائد مختلفة من الولايات المتحدة مقابل التطبيع مع إسرائيل. غير أنه وبالنظر إلى الوضع الحالي، لا يبدو أن الإمارات العربية المتحدة قد جنت ثمار المخاطر التي تحملتها بدخولها في هذه المقايضة. فبلا شك، كانت موافقة الولايات المتحدة بيعها أف-35 من أهم الأمور التي جعلت الإمارات المتحدة تقبل بهذه الاتفاقية. والآن، لا تترد حكومة بايدن في التعبير عن شكوكها بشأن هذه المبيعات.

وفيما وصل إليه الأمر، يبدو أن المزاعم القائلة بأن اتفاقيات إبراهيم شكلت كتلة إسرائيلية سنية معادية لإيران، تضررت نتيجة للتطورات والأزمات التي ذكرناها أعلاه. وفوق ذلك، يبدو من الصعب للغاية القول بأن الاتفاقيات حاولت إيجاد حل للقضية الفلسطينية خلال الفترة الماضية. وفي الوقت الحالي، تستمر الاتفاقية على خط التعاون الاقتصادي فقط. وعلى الناحية الأخرى، يقوم كلا الجانبين علانية بأنشطة علاقات عامة مختلفة من أجل تحسين الصورة السيئة للأطراف في نظر الرأي العام وإقامة روابط بين شعوب البلدين. غير أنه لا يبدو أن اتفاقيات إبراهيم تلبي التوقعات كاملة، وخاصة توقعات دول الخليج. أي أن الاتفاقيات لم تحدث ذلك التأثير الكبير في المنطقة كما كان يروج لها، وإن كانت الحكومة الإسرائيلية ستصر على تضخيم أهمية الاتفاقيات وجعلها تبدو أكثر مما هي عليه بالفعل. ذلك لأن إسرائيل سترغب في تحقيق هدفها الأساسي من هذه الاتفاقيات وهو اكتساب التعاون الإسرائيلي السني شرعية في العالم العربي رغما عن القضية الفلسطينية.

الذكرى الأولى لاتفاقيات إبراهيم في الصحافة الإسرائيلية

لقد لقيت اتفاقيات إبراهيم اهتماما كبيرا في الصحافة الإسرائيلية بمناسبة مرور عام على توقيعها. وقامت العديد من الصحف بتغطية أخبار وتحليلات مستفيضة حول الاتفاقيات. وكان أبرزها الملف الخاص الذي أعدته “إسرائيل هيوم” المعروفة بقربها من نتنياهو والذي يصف خلفية الاتفاقيات ويسلط الضوء على جهود نتنياهو في تشكيلها. وذكر في الملف أن الإدارة الأمريكية تجاوزت السردية القائلة بأنه “لن يحصل تطبيع حتى يتم حل القضية الفلسطينية” بفضل جهود نتنياهو الإقناعية.

فيما احتل المقال بعنوان “ذكرى الاتفاقيات الإبراهيمية: فعاليات مكثفة، لكن هناك أمورا تحتاج إلى الإصلاح”، الذي قدمت فيه كسينيا سفيتلوفا من معهد ميتفيم نصائح مختلفة لإسرائيل، مكانها في صحيفة هآرتس. وتتمثل نصيحة الكاتبة الأولى للحكومة الإسرائيلية في إقامة علاقات شخصية مع القادة العرب، بما أن السياسة والإدارة في الدول العربية تقوم على العلاقات الشخصية. أما في النصيحة الثانية، فقد تطرقت الكاتبة إلى أهمية وجود ممثلين لإسرائيل في الدول الأطراف في اتفاقيات التطبيع لإقامة روابط مع الناس. ويمكن القول بأن هاتين النصيحتين تعكسان المخاوف الناشئة عن حقيقة كون الاتفاقيات لا تستند إلى أسس عميقة وثابتة.

تقدم الكاتبة نصيحتها الثالثة قائلة بان على إسرائيل تلبية توقعات التعاون التجاري بما أن هذا هو ما تسعى إليه دول الخليج، خاصة وأن الدول الأطراف في التطبيع لا تتفق وإسرائيل فيما يتعلق بطريقة التعامل مع إيران. وأعتقد أن هذه النصيحة تكمل أول نصيحتين. إذ تقود كل من إسرائيل ودول الخليج جهودا في العلاقات العامة لإيهام الرأي العام بأن الاتفاقية جاءت نتيجة لتغير نظرة المجتمعين العربي والإسرائيلي لبعضهما البعض. ومع ذلك، ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار أن الاتفاقيات مبنية على تبادل المصالح وليس على أساس اجتماعي، وهو ما يثير المخاوف عند الكاتبة.

أما النصيحة الرابعة فتتعلق بقضية فلسطين. حيث تذكر الكاتبة أن الدول العربية الأطراف في التطبيع تتابع القضية الفلسطينية عن قرب، على الرغم من أنها بدت وكأنها لا تبالي في الأحداث الأخيرة، وتعطي أمثلة مختلفة تظهر أن القضية الفلسطينية لا تزال حية في شعوبها وتثير ردود فعل كبيرة. أما النصيحة الخامسة والأخيرة فتتمثل في الدعوة إلى العناية بالعلاقات الثنائية على الرغم من أن العلاقات مع دول الخليج تسير بشكل جيد عموماً، وأن الطاولة قد تنقلب على إسرائيل إن لم تفعل ذلك.

وعلى الرغم من أن الملفات التي تعكس حجم النجاح للاتفاقيات هي البارزة في الصحافة الإسرائيلية، إلا أنه من الممكن أن نرى مقاربات أكثر حذرا. وفي هذا، يلاحظ أن الكتاب من الشريحة اليسارية الليبرالية التي تقودها صحيفة “هآرتس” يرون أن الاتفاقيات عبارة عن عملية مقايضة وأن المكاسب التي وعدت بها الولايات المتحدة كانت السبب الرئيسي خلف قبول دول الخليج مثل هذه الاتفاقيات. وتعليقا على أخبار اتفاقيات إبراهيم في الصحافة الإسرائيلية، يقول مراسل تي آر تي وورلد في إسرائيل، فاتح يافوز: “إن الأنظمة التي ترغب في الحفاظ على الوضع الراهن في الشرق الأوسط، تتبنى المعادلة التي تحدد الذهاب إلى واشنطن بالمرور من تل أبيب فقط”.