Site icon مركز الأناضول لدراسات الشرق الأدنى

التقرير الشهري العراقي | اغسطس 2022

 أهم الأحداث لهذا الشهر:

الملف السياسي:

وأدى الخلاف على من سيشكل الحكومة خلال الفترة الماضية إلى تفاقم الازمة بين القوى الشيعية التي تهيمن على السياسة العراقية منذ الغزو الامريكي عام 2003.

زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وصف التطورات السياسية التي يشهدها العراق بأنها فرصة لتغيير جذري للنظام السياسي والدستور والانتخابات، معتبرا أن العراقيين اليوم “على المحك”، وقال  الصدر في تغريدة على تويتر أنه إما أن يكون العراق شامخا بين الأمم أو أن يكون تابعا يتحكم فيه الفاسدون وتحركه أيادٍ خارجية، مضيفا أن “هذه فرصة لتبديد الفساد والمحاصصة والطائفية، وآمل ألا تتكرر مأساة تفويت الفرصة الذهبية عام 2016”.

في المقابل دعت لجنة التظاهرات التابعة للإطار التنسيقي أبناء الشعب العراقي بكافة أطيافهم للتظاهر سلمياً دفاعا عن دولتهم، واصفة التطورات الأخيرة أنها تنذر بالتخطيط لانقلاب مشبوه واختطاف للدولة وإلغاء شرعيتها وإهانة مؤسساتها الدستورية. بينما تحفظ تحالف الفتح على دعوة التظاهر مؤكدا عدم المشاركة فيها، ما يشير الى أول بوادر التشظي في الاطار.  

رئيس تحالف الفتح هادي العامري وجه نداء لكل من التيار الصدري والإطار التنسيقي لـ”ضبط النفس”، محذراً من أن التحشيد الجماهيري قد يخرج عن السيطرة ويفضي الى العنف، وأضاف العامري: كفى دماً، ورفقا بالدم العراقي، ومسؤولية سفكه يتحملها الجميع.

هذا التصعيد من شأنه أن يعقد المشهد السياسي في بلد لا يزال يعيش جموداً سياسياً لأطول فترة قياسية منذ نحو عشرة أشهر في ظل مفاوضات ومناوشات لا تنتهي بين الأحزاب العاجزة حتى الآن عن الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس جديد للحكومة.

من جانبه طرح رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني مبادرة لعقد حوار في أربيل، لاحتواء الأزمة السياسية، سرعان ما رحب بها الاطار التنسيقي. مؤكدا على تشكيله لجنة برئاسة هادي العامري للتحاور مع الأطراف السياسية لحل الازمة.

 وفي تعليقها على الاحداث أكدت وزارة الخارجية الإيرانية، أن التطورات الراهنة بالعراق شأن داخلي، وأن الأحزاب والتيارات العراقية قادرة على تخطي هذه المرحلة.

رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، دعا جميع الأطراف السياسية إلى حوار وطني بغية الوصول لحل للأزمة التي تشهدها البلاد، والتعاون مع القوات الأمنية، واحترام مؤسسات الدولة، والالتزام بالنظام العام.

وعلى صعيد ردود الأفعال الدولية أكدت السفارة الامريكية في العراق في بيان، دعمها لـ “الاحتجاج السلمي، وتشجيع جميع الأطراف على الالتزام باللاعنف وسيادة القانون في ممارسة حقوقهم الدستورية”.

 السفير البريطاني لدى بغداد مارك برايسون ريتشاردسون، اعرب عن قلقه إزاء التوترات السياسية التي يعيشها العراق، حاثا على الأطراف العراقية على العمل للخروج من هذه الأزمة والأسراع في تشكيل الحكومة الاتحادية المقبلة.

كما دعت وزارة الخارجية التركية، الأطراف العراقية إلى “ضبط النفس”، وتشكيل حكومة “شاملة ذات تمثيل واسع”.

وقالت الوزارة في بيان لها أنها “تتابع بقلق التطورات الجارية في بغداد”، فيما عبرت عن أملها في “زوال الغموض السياسي الذي شكل أرضية للتطورات الأخيرة في العراق في أقرب فرصة.

بعثة الأمم المتحدة في العراق، من جهتها رحبت بالدعوات لإجراء حوار وطني، فيما شددت على ضرورة إعطاء القادة السياسيين، الأولوية للمصالح الوطنية لإيجاد حلول عاجلة للأزمة.

في وقت آخر بعث زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر رسائل الى قوى الإطار التنسيقي، تضمنت مقترحاً يهدف إلى إنهاء الأزمة السياسية في العراق، من خلال تشكيل حكومة جديدة، دون مشاركة ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي وعدم مشاركة التيار الصدري فيها تكون مدتها سنة واحدة، تتولى خلالها الإعداد لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة في شهر أيلول من العام المقبل، ويكون رئيس الحكومة توافقي ما بين التيار الصدري والإطار التنسيقي.

اما رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي فقد صرح بأنه  لا حل للبرلمان ولا انتخابات مبكرة إلا بعودة مجلس النواب الى الانعقاد، مضيفا ان مجلس النواب هو الذي يناقش هذه المطالب.

في العاشر من هذا الشهر عاد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وامهل القضاء العراقي اسبوعا واحدا لحل البرلمان، وتكليف رئيس الجمهورية بتحديد موعد انتخابات مبكرة ومقيدة بشروط قال إنه سيعلنها لاحقا، مؤكدا أن الاعتصامات ستتواصل وسيكون للمحتجين موقف آخر إذا خذل القضاء الشعب مجددا.

ووسط تصاعد المخاوف من وقوع مصادمات مسلحة بين القطبين الشيعيين، على وقع الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد، شن محمد صالح العراقي – والذي  بات يعرف بوزير الصدر- هجوماً على قوى معينة داخل الإطار التنسيقي، مطالبا بكبح جماح ما سماه “الثالوث الإطاري المشؤوم” الذي يلعب بالنار، ويسعى لتأجيج “الحرب الأهلية” من خلال “الاعتصام مقابل الإعتصام” أو “المظاهرات مقابل المظاهرات”.

الكاظمي دعا قادة الكتل السياسية لاجتماع من اجل تدارس الازمة وايجاد حل للخروج منها، بحضور ممثلة الأمم المتحدة في العراق ورئيس مجلس القضاء الاعلى، الا أن التيار الصدري رفض المشاركة في هذا الاجتماع، الأمر الذي يضائل فرص حل الأزمة.

المجتمعون وافقوا على حل البرلمان ولكن وفق آليات محددة وهو المطلب الذي يتمسك به الصدر، ويعد محور الأزمة التي أدت الى اقتحام مبنى البرلمان من قبل انصار الصدر. 

التيار الصدري اعتبر ما أسفر عنه الاجتماع غير مهم، وأنه زاد من غضب الشعب، داعيا انصاره الى الاستمرار بالاعتصام.

بعد الاجتماع غادر رئيس تيار الحكمة، عمار الحكيم، إلى السعودية في زيارة وصفت بالرسمية.

زيارة الحكيم قد تكون محاولة لجعل الرياض تتوسط بين الأطراف الشيعية العراقية بهدف إنهاء الأزمة السياسية الحالية، والضغط على الصدر الذي تربطه علاقة   جيدة مع السعودية، ويمكن أن تلعب دورا في حل الخلافات وتقريب وجهات النظر.

 مصادر دبلوماسية خاصة قالت إن الحكيم تواصل قبل 10 أيام مع دبلوماسي سعودي في أربيل، وأبلغه أنه يعتزم زيارة الرياض بخصوص الأزمة السياسة وتحركات الصدر مؤخرا.

وفي تصعيد آخر  اعتصم انصار التيار الصدري أمام مبنى مجلس القضاء الأعلى في بغداد لتحقيق عدة مطالب أبرزها “حلّ البرلمان”، في خطوة قوبلت بقلق وبردود فعل منددة من خصومه ودفعت مجلس القضاء الأعلى إلى تعليق عمله.

وبعد ساعات، نصح الصدر مناصريه بالانسحاب “للحفاظ على سمعة الثوّار ولعدم تضرر الشعب، مع مواصلة الاعتصام أمام البرلمان.

لكن الصدر فاجأ الجميع باعلانه اعتزال السياسة واغلاق كافة مؤسساته، وعلى الفور قام اتباعه باقتحام القصر الجمهوري داخل المنطقة الخضراء، وامتدت الاضطرابات الى عدد من محافظات الجنوب، فقد احتل الصدريون مبنى المحافظة في كل من ذي قار وواسط وميسان.

الأمر تطور الى مواجهات مسلحة بين سرايا السلام التابعة للتيار الصدري وبين العصائب التابعة للاطار التنسيقي، وعلى مدى يومين سقط ٣٠ قتيلا و٨٠٠ جريح، ليطل مقتدى الصدر مرة اخرى ويعطي اتباعه ٦٠ دقيقة للانسحاب والا سيتبرأ منهم، وسرعان ما استجاب انصار الصدر لذلك النداء وعادوا الى بيوتهم.

ربما تكون أزمة الاعتصام انتهت لكن، الازمة السياسية التي ولدت تلك الاعتصامات لم تنته به، فلا يزال الانسداد السياسي سيد الموقف، ولا يزال الأطراف مختلفين حول آلية وشكل الحل لتلك الازمة، فربما يتطور الموقف بين ليلة وضحاها، وربما نشهد تصعيدا جديدا في أي وقت.

 الانتخابات وعملية تشكيل الحكومة كشفت عن تشرذم كبير بين الأحزاب السياسية مما يجعل الأمر معقدا للغاية بالنسبة لإيران، لكن تبقى هناك شكوك في مدى رغبة الصدر الحقيقية في تغيير النظام الذي خدمه بشكل جيد،  فالصدر يهيمن على جزء كبير من الدولة التي توظف العديد من أتباعه، لذلك فهو يريد أن يستمر النظام، ولكن مع وضع أكثر هيمنة بالنسبة له.

ولكن من السابق لأوانه وصف ذلك بأنه خسارة لإيران، وقد ينتهي الأمر بخسارة للجميع، فإن أي حرب أهلية بين الجماعات الشيعية سيكون لها تأثير عميق ليس على العراق فحسب، بل ستمتد الى اجزاء اخرى في المنطقة والعالم، لأسباب ليس أقلها الاضطراب المحتمل في إمدادات النفط، حيث أن الكثير من المنابع النفطية تقع في أجزاء ذات أغلبية شيعية من البلاد.

الاجتماع ضم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين، و الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، ورئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.

وهذه أول قمة رفيعة المستوى تستضيفها مدينة العلمين الساحلية، بخلاف ما اعتادت عليه مصر من عقد قمم في العاصمة القاهرة و منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر.

 وكان القادة قد شاركوا في قمة العقبة العام الماضي، باستثناء ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، كما سبق أن عقد قادة مصر والعراق والأردن عدة قمم، وينظر إلى القمة العربية الخماسية في العلمين بأنها تطور لهذا المسار.

وتأتي القمة بعد نحو شهر من قمة عربية أمريكية استضافتها السعودية، بمشاركة الدول ذاتها إضافة إلى قادة عرب آخرين وبحضور الرئيس الأمريكي جو بايدن.

الملف الأمني

 شهدت عدد من المحافظات جنوبي العراق، احتجاجات وقطع للطرق الرئيسية، على خلفية انقطاع التيار الكهربائي عن مناطق واسعة منها، وتراجع ساعات تزويدها مناطق أخرى لأكثر من 18 ساعة في اليوم، في الوقت الذي تسجل فيه البلاد معدلات قياسية في درجات الحرارة تخطت عتبة الـ 50 مئوية.

وقطع العشرات من المحتجين الغاضبين طريق البصرة الرئيسي المؤدي إلى بغداد، بينما تجمهر آخرون في مناطق وسط المحافظة، وأشعلوا إطارات السيارات .

كما شهدت محافظتا ذي قار والعمارة المجاورتين احتجاجات مماثلة للمئات من المواطنين، وشوهد العشرات من المحتجين يقطعون جسر الزيتون بالإطارات المشتعلة وسط مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار.

وهذه المرة الثالثة خلال 10 أيام التي تشهد فيها عدد من محافظات جنوبي البلاد انطفاء تاماً للتيار الكهربائي، نتيجة خروج عدد من محطات التوليد عن الخدمة.

ويمثل ملف الطاقة الكهربائية في العراق، أحد أبرز المشاكل الخدمية التي يعاني منها العراقيون منذ الغزو الأميركي للبلاد، وعلى الرغم من إنفاق الحكومات المتعاقبة على القطاع أكثر من 41 مليار دولار في الثمانية عشر عاماً الماضية، فإن مشكلة الطاقة ما زالت تضرب عصب حياة العراقيين خلال فصل الصيف.

وتعول بغداد في الوقت الحالي على مشروع الربط مع دول الخليج العربي، وتحديداً السعودية والكويت، للتخفيف من أزمة الطاقة التي تتجدد خلال موسم الصيف، حيث يزيد الطلب عليها.

الملف الإقتصادي:

ووفقاً لـ ” S&P Global Commodity Insights”، فإن “العراق جاء اولاً عربياً كأكبر مصدر للنفط الى الاتحاد الاوروبي في شهر تموز بمعدل تصدير بلغ 490 ألف برميل يوميا. 

وعالمياً مازالت روسيا تتصدّر قائمة مصدّري النفط الخام للدول الأوروبية، وذلك بواقع 1.87 مليون برميل يومياً، وتأتي أميركا في المرتبة الثانية بواقع 1.3 مليون برميل يومياً، والنرويج ثالثا بمعدل تصدير بلغ 790 ألف برميل يومياً.

وتعاني محافظة ديالى من تدخل الجانب الايراني بالأنهار التي تنبع من داخل أراضيه وتحويل مجراها لتصب داخل الاراضي الايرانية، ما تسبب بحالة الجفاف التي أثرت بدورها على الإنتاج الزراعي بشكل كبير.

وذكر التقرير أن البصرة وميسان وذي قار تتجه لتسجيل أكبر عدد من النزوح الداخلي الناجم عن المياه على مدار العقد الماضي، ويرجع ذلك أساسا إلى ندرة المياه والتلوث وملوحة التربة في بعض القرى، لاسيما في ذي قار.

وأدى نقص المياه إلى نزوح ما يقرب من 15000حالة نزوح جديدة في ذي قار وميسان والبصرة في  2019،  وفي نوفمبر 2021 سجلت المنظمة الدولية  للهجرة نزوح  12 ألف و 348 شخصا من جنوب العراق بسبب الجفاف.

وجاء العراق في المرتبة الخامسة من بين الدول العشر الكبار المصدرة للنفط الى المصافي الصينية المستقلة بعد أن كان في المرتبة الثامنة في شهر آيار الماضي بعد كل من ماليزيا وروسيا والإمارات ثم السعودية.